هي الضجة نفسها وهو رد الفعل نفسه، ولا جديد في الأمر ومجرد كارثة جديدة وضحايا جدد، وأجساد لمواطنين مصريين تسحق بين كتل الحديد، وتبريرات «سخيفة» مزرية قميئة لم تعد تجدي، ولن يجد المسؤولون مستقبلاً سواها، معتقدين أنهم سيخرجون «زي الشعرة من العجين»، وهم الذين ألفوا «التناحة»، واعتقدوا بأن الشعب سيغرق، كما في كل حادثة سابقة في البحث عن الفرق بين الخطأ التقني، والخطأ البشري،
وهم لا يدرون أن الناس ضجت من الفساد الذي يضرب البلد والإهمال، الذي زاد وساد وغطي، والتسيب الذي استشري وتحول إلي ثقافة، واللامبالاة التي تفشت وترسخت واستفحلت، وصارت بديلاً عن الجدية والعمل والتفاني والإخلاص، ولا جدوي من تجميل صورة قبيحة، ولا مجال لمحاولات تغيير اعتقاد راسخ لدي الناس، بأنه لم تعد لهم قيمة في بلدهم، وأن «لحم» المصريين صار رخيصاً، وسواء مات المواطن سحقاً بين عربات القطارات المتصادمة، أو غرقاً بفعل العبارات المهترئة أو حرقاً في مسرح،
فإن النتيجة واحدة: ضجة إعلامية و«هوجة صحفية» و«كام» مؤتمر صحفي لكام مسؤول، تطلق فيه التبريرات حول ما جري، ويعلن خلاله أسف الحكومة علي وقوع الضحايا، ويقرر أثناءه تشكيل لجنة تحقيق وأخري لتقصي الحقائق مع التأكيد بالطبع، علي أنه لا تفريط في محاسبة الجهة المسؤولة أياً كانت، والتشديد علي إصرار الحكومة، وحرصها علي مجازاة أي مسؤول مهما كان، وبـ«المرة» لابد من إعلان لأسر الضحايا عن صرف تعويضات وطمأنة الجرحي بقرار الحكومة، تسليمهم كام بطانية و«شوية» شاش وقطن.
ليس للكوارث في مصر علاقة بالقضاء والقدر، المصريون يقتلون من دون زلازل أو براكين أو أعاصير، ويكفيهم زلازل النهب التي تضرب ضمائر أصحاب الثروة والنفوذ وبراكين الفساد، التي تخرج منها حمم تغرق وتحرق وتسحق مستقبل الشباب، وتغتال بساطة أهل مصر واكتفاءهم، بالسعي وراء «لقمة العيش» دون طمع أو طموح في مناصب أو ثروات أو سلطات.
--------------------